لا تكذبي،،الأغنية التي فجرت المعاناة
لا تكذبي، الأغنية الرقيقة المؤثرة التي تغنى بها ثلاثة من أقطاب الأغنية العربية: نجاة الصغيرة، عبد الحليم حافظ والموسيقار محمد عبد الوهاب، هذا العملاق الذي نسج موسيقاها بإحكام ولم يتردد في إعادة أدائها بصوته بعد أن أهداها طبقا فنيا شهيا للمطربة نجاة الصغيرة وعبد الحليم، لكن الكثير منا يجهل أن وراء هذه الأغنية العاطفية الدرامية قصة سرية وطريفة لا يعرفها إلا القليل جدا.
أصل القصة أن كاتب الكلمات لهذه الأغنية هو الشاعر المعروف كمال الشناوي الذي وقع في حب المطربة الرومانسية، الرهيفة المشاعر وعذبة الصوت نجاة الصغيرة ولكن هذه الأخيرة لم تبادله نفس الحب بل بدأت تضيق به درعا وكان حبا من طرفه فقط، كما أن الشاعر لم يهضم أنها لا تريده حبيبا لها وعليه تمادت في إهانته حين شعرت بالإشمئزاز منه وكثرة مضايقاته لها، وكانت إهانة لم ينساها طول حياته حتى ابتعد عنها نهائيا واستسلم للأمر الواقع.
اتصلت نجاة الصغيرة به هاتفيا لتدعوه إلى مأدبة عشاء فلم يصدق ورد عليها بلهفة العاشق الولهان إن كان ذلك بمنزلها فقالت له بل في فندق سميراميس على الساعة العاشرة والنصف، ثم أغلقت سماعة الهاتف دون أن تضيف شيئا، حينها كان قلبه يخرج من صدره فرحا وطربا، وراح يكتب لها شعرا جميلا وصادقا ليزفه إليها بالمناسبة في ورقة طواها ووضعها في جيبه على أن يسمعها إياه خلال اللقاء بها أثناء السهرة، ثم لبس أجمل ما يملك و كان معروفا جدا بأناقته الفاخرة، وقرر أن يصارحها و يجول في خلده من مشاعر جياشة ليس بحاجة إلى شرح مستفيض، ولكن قبل ذهابه إلى الموعد إتصل بأصدقائه مصطفى أمين وإحسان عبد القدوس والسيدة أم كلثوم و الموسيقار محمد عبد الوهاب وغيرهم ليخبرهم بدعوة حبيبة قلبه نجاة الصغيرة لتناول العشاء معها في نزل سميراميس، ثم ذهب إلى عين المكان مثل مراهق يعيش مغامرة عاطفية ليس لها وصف أو مثيل، وما إن وطأت قدماه الفندق حتى شاهدها، لكنها تظاهرت بعدم رؤيته بل أن الأدهى والأمر لم تكن وحدها بل كانت تجلس مع أعز أصدقائه الكاتب الكبير يوسف إدريس وعيناها ذائبتان في عينيه ويداهما متشابكتان وقدماها تعبثان بقدميه وتكاد شفتاها تلتصقان بشفتيه وهما يتبادلان الهمس والابتسامة. وما إن رأى كمال الشناوي هذا المشهد حتى تسمر في مكانه مثل نصب تذكاري وأحس بصدمة قوية تفجر بداخله مشاعر الأسى والخيبة والألم والكآبة، وبعد أن تمالك نفسه ولى مدبرا خائبا حزينا وتوجه صوب بيت صديقه مصطفى أمين و قرر الاتصال بالمطربة فايزة أحمد التي ردت عليه بلهجة ملؤها الغضب و الشطط متسائلة لماذا أخلف وعده ولم يأت، فرد عليها والحزن يمزق أحشاءه والقلب يعتصره الألم بصوت حزين جدا مثل عصفور داهمته العاصفة: لا تكذبي،، إني رأيتكما معا،، ودعي البكاء فإنني كرهت الأدمعا،، أكمل القصيدة عفويا، لكن نجاة الصغيرة لم تتأثر بكلامه وانتهت قصة عاطفية جمعت بين الشاعر والمطربة.
القصيدة :
لا تكذبي إني رأيتكما
ودعى البكاء فقد كرهت الأدمعا
ما أهون الدمع الجسور إذا جرى
من عين كاذبة فأنكر وادعى
إني رأيتكما،، إني سمعتكما
عيناك في عينيه في شفتيه
في كفيه في قدميه
ويداك ضارعتان من لهف عليه
تتحديان الشوق بالقبلات
تلذغني بسوط من لهيب
بالهمس، باللمس، بالآهات، بالنظرات
باللافتات بالصمت الرهيب
كوني كما تبغين، لكن لن تكوني
فأنا صنعتك من هوايا من جنوني
ولقد برئت من الهوى و من الجنون
رامي الحاج
الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017
الشاعر .. رامي الحاج
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق