الموسيقى الكلاسيكية تسمو بالعقل
كتب الموسيقار العبقري بتهوفن في مذكراته:" إن الموسيقى هي وحي أعلى من كل فلسفة وأعمق من كل حكمة، والذي تتفتح له موسيقاي يتحرر من كل المحن التي تثقل كواهل الآخرين"...ولعله مع نخبة من الموسيقيين الذين عاصروه أو جاؤوا من يعده أمثال: موسورغسكي الروسي، شوبين البولوني، غريغ النرويجي، فيلا لوبوس البرازيلي، دوفرجاك التشيكي، جو الروماني وغيرهم كثيرون ممن أدركوا الغاية النبيلة من وراء الموسيقى الكلاسيكية وهي تهذيب للنفس والسمو بالعقل والروح معا وتربية الذوق السليم وترهيف الحس الجميل، بل وأكثر من ذلك تساهم في الاستشفاء من بعض الأمراض النفسية ولها كلمتها أيضا في ترسيخ المثل العليا والقيم السامية في الفرد والمجتمع، ولعلنا لا نجافي الحقيقة إذا قلنا على سبيل المثال لا الحصر بأن سمفونية بتهوفن المسماة (البطلة)، تعد من الروائع العالمية الخالدة التي مجدّت الحرية وزمجرت الاحتلال وحثت على الكفاح بحيث ألفها الموسيقار العبقري وأهداها إلى نابليون بونابرت عقب احتلاله لمدينة بون الألمانية. إن الموسيقى الكلاسيكية في معظم سمفونياتها كانت قمة في العطاء والابتكار، بل ذروة في التهذيب والاستقامة وقد جاءت أيضا ضد الأوبرات الداعية في عروضها المسرحية الغنائية إلى اللهو والاستهانة بقيم الإنسان وءالمجون الصارخ والانحلال اللامحدود واضعة بذلك حدا للبعث والتفسخ التي عرفتها الموسيقى خصوصا في أوروبا وقتئذ، بل رافعة إياها نحو الفن العالمي الرائع بتلك الألحان المنبعثة من عمق المجتمع. وما السمفونية في حقيقة أمرها سوى تعبيرا صارخا لمعاناة الشعب وطموحاته وأمنياته وحبه للسلم والسلام، ولنا خير دليل على ذلك ما فعلته الفرقة الفيلهارمونيكية الروسية حين عزفت السمفونية التاسعة للموسيقار بتهوفن التي تعبر عن قدرة الإنسان في التحدي والخروج من أصعب الظروف وأحلكها في الوقت الذي كانت فيه جيوش الاحتلال الألمانية تضرب حصارا خانقا وشديدا على مدينة ستالينغراد الروسية.
رامي الحاج
الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017
الكاتب .. رامي الحاج
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق